الثلاثاء، أكتوبر 02، 2007 على الساعة 00:05

تحدث هذه الأيام في مصر معركة تتمحور حول مجال الحريات الصحافية ستكون نتائجها ذات تداعيات مهمة ليس فقط على الساحة السياسية المصرية بل أيضا على بقية المجالات الإعلامية العربية. علي التذكير أن مصر من أكثر المجالات الاعلامية (خاصة الصحافة المكتوبة) تحررا في المنطقة العربية... يرجع ذلك لفترة السبعينات و خاصة مع نهاية الثمانينات الى الآن (يمكن الاطلاع على التقرير اليومي في صحيفة "القدس العربي" للصحفي حسنين كروم عن الصحافة المصرية المكتوبة لملاحظة مدى الحريات التي يتمتع بها الصحفيون هناك)... و هي بهذا المعنى نموذج مقلق لمن لا يرغب على المستوى العربي في صحافة غير جدية و من دون معنى... لكن الأمور تغيرت في مصر: فالرهان السياسي لدى البعض الذي يظهر مؤشرات قوية خاصة في الشهور الأخيرة لتوريث السلطة (من الرئيس مبارك لابنه جمال) لا يلقى الاستجابة المنتظرة من قبل صحفيين تعودوا على نقد ما يرونه غير مناسب (و من البديهي أن لا يبدو التوريث "أمرا مناسبا" في هذه الحالة) ... في ظل هذه الظروف أصبح مجال الحرية الاعلامية المتوفر متعارضا مع رهان سياسي كبير في المرحلة القادمة لدى السلطات هناك. كانت القطرة التي أفاضت الكأس في هذا التجاذب "خبر مرض الرئيس المصري"... و الذي كان على مستوى الشائعات في الشارع السياسي قبل أن تعيد عرضه عدد من الصحف التي تتمتع بصيت جيد و التي لم تتعود سلوكيات الصحافة الصفراء في تلقف الأخبار المثيرة... مقابل ذلك قررت النيابة العامة المصرية (أي السلطات) التتبع القضائي بهدف الحبس ضد عدد من أهم و أشهر رؤساء التحرير في مصر (تفاصيل أخرى حول القضية هنا)... يجب أن أقول أن ذلك لا يعني أن المجال الإعلامي المصري قد انهار و أضحى بودوريا (أو بوساغيا من عملة الساغ أو 10 قروش المقابلة رمزيا لعملة الخمسة مليمات لدينا)... فمنذ فترة بدى واضحا أن مجال الحريات الاعلامية هناك توسع ليمس ليس فقط الصحافة المرئية و التلفزية بل ايضا التلفزيون "القومي" المصري ذاته و هو ما تجسم من خلال عدد من البرامج الحوارية الجريئة... و لكن من الواضح أيضا أن هدف المعركة القضائية الراهنة قضم مجالات الصحافة الجادة مقابل توسيع نطاق صحافة تمارس الرقابة الذاتية و موالية للظرفية الجديدة و هو ما سيزيد في السلبيات القائمة أصلا المرافقة دوما لأي وضع من الحريات الصحافية... أعتقد أن أفضل ما كتب حول هذه المعركة مقالة علاء الأسواني (كاتب روايتي "عمارة يعقوبيان" و "شيكاجو") و التي تصدر اليوم في صحيفة العربي المصرية و كذلك على مدونته

مرسلة بواسطةهيئة تحرير بودورو
التسميات:

ليست هناك تعليقات: