الخميس، أكتوبر 18، 2007 على الساعة 22:12



من السبل التي تتوخاها الصحافة بودورو في بلادنا هي ما أطلق عليه صحافة النعي أو صحافة الغراب. فبما أن هالنوعية من الصحافة تتلافى الحديث و الخوض في المواضيع الهامة التي تخص بلادنا فأنها تملئ أعمدتها بالتفاهات.

و كانت قد جرت العادة أن هالصحافة البودوروية تخصص صفحة و الا اثنين لما تطلق عليه ب "أصداء المحاكم"( أو غيرها من التسميات تتم بكلمة "محاكم") لتطلق العنان لشبه أخبار محاكمات يتمكن من خلالها القارء اشباع غريزة التطفل و تعرية مشاكل الاخرين. فنشأنا ونحن نقرأ في صحفنا أخبار ك "طعن أخاها ثم استفرد بها " أو "مراهقين متهمين في قضية أخلاقية" أو "حطّم أنف بائعة هوى ثم مارس عليها الجنس" إلى غير ذلك من المقالات الفاضحة و المفضوحة و التي لا يمكن تصنيفها كمقال إخباري فنحن لا ندري ما هوية المجرم و ما هوية المعتدى عليه, و لا يعالج ذكرهم قضايا لا اجتماعية و لا سياسية و لا تاريخية بل هو تطفل على قضايا شخصية . كلام فارغ لا يغني عن جوع بل يروي غرائز وضيعة.

ثم كان التطور في درب الانحطاط في بعض هذه الصحف التي أنفردت بسابقات صحفية لا مثيل لها ألا وهي نشر أسماء و صور الضحايا عند مقتل أحدهم أو أنتحاره. فأولا لا أدري ما ستضيفه صوّر المجني عليهم للقارء سوى اشفاء غرائز وضيعة لبعض مرضى القلوب و ثانيا أين احترام الموتى و احترام حزن اهالي و أقارب هؤولاء ؟ فهم يستغلون حزن و لوعة الناس لبيع أوراقهم الحقيرة.

كلنا لوعة و حزن لسقوط ضحايا بعد أمطار 13 أكتوبر 2007 و قد كنّا طالبنا من صحافتنا بالمسؤولية و التحدث عن هذا الموضوع بحزم و محاكمة المتقاعسين و وضع أصابعنا عن أماكن الخلل. فبينما رأينا مقالات جيّدة و جادة كتلك الصادرة في صحيفة الصباح الأسبوعي و تونيس هبدو الصادرتان يوم الأثنين 15 أكتوبر (و هنا أشير أننا- من خلال هذا الموقع- ننوه و نشكر كل من بذل مجهودا و كتب مقالات جيّدة و لسنا هنا فقط لكشف الصحافة الهابطة). رأينا صحف تناست المشاكل الهامة و المواضيع التي يجب التطرق اليها و توغّلت في الصحافة الرخيصة.

فمن يحلل ما جاء في جريدة الصريح (صاحبة الأرقام البودوروية القياسية)في صفحاتها الولى (التي تعتبر مرآة لكل محتوى الجريدة) يفهم مدى تفشي ضاهرة صحافة الغربان. ففي الصفحة الأولى للجريدة الصادرة يوم الأربعاء 17 أكتوبر نجد 12 عناوين وهي الآتية :

- الرئيس بن علي يتقبّل التهاني بعيد الفطر

- حزب الخضر يهاجم بشدة المعارضة التي تستجدي الاجانب

- اليوم مع هذا العدد "ملحقنا الرياضي"

- تونس معرّضة للتقلبات المناخية و الفيضانات و الجفاف

تقولش علينا ما فيبلناش أن تونس معرضة للتقلبات الجوية و ماشي في بالنا عايشين في bulle كبيرة. ما عليناش مش هذا موضوعنا. هالعناوين الاربعة موجودين في أطراف الصفحة الأولى و اليكم بقية الأخبار الهامة :

- انتشال جثة جديدة … وهي لشاب عمره 14 عام

- بعض جثث الضحايا تم انتشالها على بعد 8 كيلومترات

- في منزل الضحية عزيزة :تمنت الموت صحبة صديقة عمرها جنات فتحقق لها ما أرادت

- عائلة فقدت أبناءها الثلاثة في الطوفان

- جدة الضحايا تروي ما جرى ل"الصريح" لحظة بلحظة

-مريم مازالت مفقودة حتى الساعة و البحث جار

- قصة 3 أصدقاء خرجوا في رحلة صيد فغمرتهم مياه الفيضنات

- مات المولدي و لحق به المنصف و نجا صديقهما الفرجاني

في تحليل للصور الموجودة في الصفحة الاولى لهذا العدد نجد :

- صورة للرئيس يصافح المفتي

- صورة للملحق الرياضي

- سبع صور للضحايا

الا تستحي هذه الصحيفة الرخيصة من المتاجرة بأرواح الأبرياء لا لشيء الا لبيع جذذهم الفارغة ؟

الان فلنحلل الصفحة الأولى لنفس الجريدة لكن للعدد الصادر يوم الخميس 18 أكتوبر 2007. ربما كان عدد الاربعاء عددا "خاصا". ماذا نرى في الصفحة الأولى ؟

نرى من ضمن الأخبار بودورو خبران في الصفحة الأولى مفادهما :

- أستاذ جامعي باغتته شاحنة ثقيلة … فتوفي بعد يومين من المعانات ( مع صورة للأستاذ و ذلك لتسهيل المأمورية للطلبة و يروحوا و ما يستناوش)

- سيارة مجنونة تقصف عمر الصياد المشهور (مع صورة للصياد باش البوري ما يستناهش عند شباكه)

عار. و الله عار ما تفعله جرائدنا ! عار يا أشباه الصحافيين أن تقتاتو من جثث الأبرياء … و ان لم تستحي … فكن صحافيا غرابا ينعق الموت في صحافتنا البودورو …عار …عار

مرسلة بواسطةهيئة تحرير بودورو
التسميات:

هناك 5 تعليقات:

Tarek طارق يقول...

زميلي حاكم النورمال لاند هل فمة امكانية نشوفو الصفحتين لولانين في التدوينة... المشهد الغرباني معبر زادة

Gouverneur de Normalland يقول...

@ Tarek

و الله كان بودي لكن ما عنديش سكانار

انجم نزيد صورة معبرة

Houcine Choyakh يقول...

je propose qu'on publie sur ce blog les photos de ces journalistes corbeaux au comportement charognard qui prennent les tunisiens pour de vrais cons

Gouverneur de Normalland يقول...

@ al moudir :

c une bonne idée ! mais est ce qu on pourrait se procurer leur photos ?

غير معرف يقول...

achhay2ou men ma2tahou lè youstaghrabou..
Vous connaissez c'est quoi le rang de la tunisie dans le classement mondial de la liberté de la presse..?
Imaginez..
Non c'est pas 100..
126..?
Non plus..



C'est 143 bel fomm wel mlèèèèèè..

Mazzeltou tloumou 3lihom tawwa..?
Mouch goltelkom achay2ou men ma2tah...