الجمعة، نوفمبر 09، 2007 على الساعة 03:17

من الصعب القول أن هناك في تونس "أعلاما" في الكتابة الصحفية يمكن أن نقارنهم مثلا بـ "محمد حسنين هيكل" و "مصطفى أمين" إذا أخذنا التجربة الصحفية المصرية كمثال... غير أن ذلك لا يعني غياب محطات جدية و شخصيات صحفية ريادية عبر تاريخ الصحافة التونسية.... ضمن هذا المسار الطويل يبرز السيد صالح الحاجة، الصحفي السابق في جريدة "الصباح" و رئيس تحرير جريدة "الصريح"، كحالة غامضة و متقلبة. فالسيد الحاجة، الصحفي الذي يفتخر بعصاميته، مر بمراحل متنوعة عكست تحولات الصحافة التونسية عبر نصف القرن الماضي. و بشكل عام تحول قلم السيد الحاجة من مستوى يستحق الاهتمام وقت كان يكتب في جريدة "الصباح" و هو ما كان السبب الأساسي في جلب إحترام الكثيرين، إلى مستوى آخر، عندما أصبح مالك ورئيس تحرير أسبوعية ثم يومية "الصريح". مستوى يستحق الاهتمام أيضا، و لكن ليس لجودته للأسف الشديد، خاصة أنه لم يعد يعبر على نفس القدرة التحليلية و الإعلامية التي عود بها قراءه. و قد تناولت مدونة "بودورو" بالنقد، في تدوينات متميزة كتبها زميلنا كلاندستينو المغرم بقراءة "الصريح" بشكل خاص، بعض مقالات السيد الحاجة و لكن أيضا غيره من كتاب صفحات جريدته (أنظر هنا و هنا و هنا و هنا).... و بالرغم أن أسلوب النقد كان باللهجة الدارجة و ذلك لا يمثل في ذاته نية للتهجم (و استعمال الدارجة من تقاليد صحيفة "الصريح" بالمناسبة) إلا أن ذلك لم يكن يعني التجني الشخصي على هؤلاء الكتاب أو رئيس تحرير هذه الصحيفة أو الصحيفة نفسها... حيث كانت هذه التدوينات النقدية معززة بصور المقالات المعنية بالنقد حتى لا يقع الحكم بالغيب أو بصيغة القيل و القال، و هي صيغة لا يمكن لهيئة تحرير مدونة "بودورو" الالتجاء اليها بل هي موجودة لكشفها و التصدي لها... كما أن أسلوب التدوينات كان يركز على التساؤل و على المقارنة مع صحف أخرى و على العلاقة بين الواقع و المعطى المنقول في هذه المقالات. لم نتعرض في أي من هذه التدوينات للسير الشخصية للكتاب و لا إلي خلفياتهم الفكرية أو السياسية حيث لا يهمنا كل ذلك بقدر اهتمامنا بمحتوى الكتابة الصحفية. و على من ينكر ذلك الرجوع لهذه التدوينات و تقديم ما يثبت عكس كلامنا.

و بشكل عام فإن الأسلوب الساخر الذي يميز مدونة "بودورو"، و هو أسلوب المضحكات المبكيات الذي تضطرنا إليه بعض النماذج الصحفية ، لا يعني البتة توجها للثلب أو القدح أو التهجم المجاني... لقد حرصنا، مثلما تدل على ذلك التدوينات الخاصة بجريدة الصريح، أن نبدي ملاحظاتنا، مهما كانت ساخرة، على أساس حجج واضحة. و حتى "المسابقة" التي قمنا بإطلاقها كانت دائما مرفقة بملاحظة تؤكد على أننا نتمنى أن لا يكون أي من صحفيينا على قائمة مرشحيها. أكثر من ذلك لم نعبر يوما عن أي نية لتعميم لفظ و صفة "البودورو" على مجمل الصحافة التونسية حيث حرصنا على توضيح ذلك في السابق (أنظر هنا و شخصيا كررت الاشارة الى ذلك في مواضع أخرى: أنظر هنا مثلا)....أمام كل ذلك كان مقال السيد الحاجة الأخير في جريدة الصريح الموجه ضد مدونة بودورو نموذجا تحديدا على نوع الصحافة التي نحاول كشف وهنها و خاصة مستواها الذي يخلو من المهنية. لن أزيد هنا كثيرا على ملاحظات زملائي في هيئة تحرير "بودورو"، فري رايس و كلاندستينو و حاكم النورمال لاند، على مقال السيد الحاجة و الذين قاموا الحقيقة بردود في غاية الهدوء و الاتزان خاصة إذا انتبهنا للشتائم التي حفل بها مقال السيد الحاجة... كما تتسم بدرجة عالية من الحرفية خاصة إذا قارناها بمقال الأخير (إذ يتم الرد على كلام الحاجة من خلال الاستشهاد بما يقوله و وضعه بين ظفرين و ليس من خلال صيغة القيل و القال و الرجم بالغيب)... ما أريد أن أضيفه هنا أن هذا المقال يرتقي ببساطة لدرجة الثلب تجاه مدونتنا خاصة باستخدامه لغة تحريضية (و هنا يأتي دور استعمال عبارات مثل مثل "مواقع مشبوهة" عنوان المقال ذاته) تذكر بتقارير لا يمكن في أقل الأحوال وصفها بالتقارير الصحفية.... إن السيد الحاجة يبرهن هنا أنه ليس "كائنا ورقيا"بجميع معاني التورية و الاستعارة المضمنة في مصطلح "ورقية" فحسب بل أيضا و الأهم صحفي لم يعد مفتخرا بصفته الصحفية لا من حيث أسلوب الكتابة و لا من حيث الرغبة في المعرفة و التعلم و تطوير قدراته الإخبارية... و لا من حيث التحري من مصادره و من المواضيع التي يتعرض لها خاصة عندما يتمسك بمصادر "القيل و القال" و يتهجم على مواضيع لم يقرأها...

إن كل ذلك يبعث على الحيرة بل و على الحزن الشديد: ما الذي يجعل السيد الحاجة أن يتحول من كاتب صحفي مهم في الساحة الصحفية التونسية إلى كاتب لا يستطيع أن يرد على منتقديه إلا بلغة لا تنتمي للغة الصحفية بأي شكل من الأشكال؟ ما الذي يجعله، يا ترى، يتحول من صحفي يساهم بمجهود إعلامي مميز إلى كاتب يمنح الفرصة، من خلال مسؤوليته كـ"رئيس تحرير" الصريح، لكتابات لا ترق إلى مدرسة صحفية تونسية عريقة كان من المنتمين إليها؟ كيف يمكن للسيد الحاجة أن يفسر عزوف القراء على شراء جريدته لخلل فيهم يتعلق ببخلهم كما لمح الى ذلك و هو الخبير بالعلاقة بين العرض الصحفي و الطلب الصحفي؟ و أخيرا، هل أن هذا التحول يرجع لميولات تخص شخص السيد الحاجة أم هي في علاقة بوضع صحفيين آخرين؟

لم يبق لي سوى أن أختم بملاحظات عامة حول مدونة "بودورو" و طبيعة علاقتها بالصحافة "بودورو": أولا، ربما يبدو من المفارق، و لكنه من الدقة بمكان، أننا من خلال هذه المدونة نتمنى أكثر ما نتمنى غياب الصحافة "بودورو" و من ثمة إغلاق مدونتنا في نهاية الأمر... غير أننا جميعا نعرف أن الصحافة "بودورو" لا يمكن أن تنتهي و هي موجودة حتى في أكثر التجارب الصحفية عراقة... كل ما نستطيع أن نأمل فيه أن تتقلص نماذج "الصحافة" بودورو باطراد بشكل لا يمكن لها فيه أن تشوه مجمل مشهد إعلامي لا يمكن أن نظلمه بتعميم صفة البودورو. ثانيا، أن هذه المدونة لا تستهدف التشويه بل كشف التشويه لا تستهدف النقل بل مواجهة النقل و أنها ليست سلطة على الصحافة بل هي نتيجة لضعف سلطة الصحافة... و الأهم من ذلك أنها ليست صحافية نقدية و لو أنها تمارس نقد الصحافة... و ذلك من حق أي قارئ... فكل قارئ هو ناقد بالأساس كما برهن على ذلك فلاسفة و مؤرخون يشار اليهم بالبنان مثل بول ريكور و استاذي روجي شارتيي. ثالثا، أن هذه المدونة ليست صيحة في واد... فجذبها للاهتمام من خلال عدد زوارها رغم حداثة تأسيسها و تناسق ملاحظاتها مع انطباعات الكثيرين مثلما تؤكد التعاليق التي يتركها قراء مدونتنا (بالمناسبة التعليق في مدونتنا حر و لا يخضع لأي موانع سوى التقيد بالموضوع و تجنب الشتائم) إنما يعبر عن شعور عام بالتبرم من الصحافة بودورو.... و أعتقد أن ذلك من دلائل عافية مجتمعنا خاصة عندما يصدر ذلك التبرم من قبل فئات شبابية تمثل مستقبل ضمير هذه البلاد. إن مدونة "بودورو" بهذا المعنى تعبير عن درجة عالية من الشعور بالمواطنة و المسؤوليات التي تنطوي عليها. ربما نقسو أحيانا و لكن ذلك لا يعبر إلا على غيرتنا على المشهد الإعلامي التونسي و هو بعض سمعة هذه البلاد.

في النهاية أشير الى نية هيئة تحرير "بودورو" نشر "ميثاق" خاص يؤطر أهداف المدونة إرتأينا صياغته منذ فترة في إطار الشفافية التي نأمل أن يعكسها هذا الموقع.

مرسلة بواسطةهيئة تحرير بودورو
التسميات:

هناك 6 تعليقات:

Slaim يقول...

sa7afetna bou millim mouch boudourou,

manardhach 7atta namce7 biha....

Werewolf يقول...

حسب رأيي أراد صالح الحاجة أن يضمن الدورو الذهبي لشهر نوفمبر على بكري و سيكون له ذلك بحول الله بل أنا شبه متاكد أنه ضمن التريبلي على مستوى المقال، الصحفي و الصحيفة.
ا

غير معرف يقول...

bonne continution à l'équipe boudourou

ne changez rien

غير معرف يقول...

هز راسوخزر في المرايا جات عين في عين هرب من الحكاية شعير طلعتلو في عين منين اجيب دورو كان على السبعة حجرات ربي ايخليهم ما فم كان هوما أم الدورو الحاصيلو ما انطولش عليكم من حينو هز زاد و ازوادو و ما يهني ضمير و فوءاد من احقاد و قلة حيلة و ضيق أفق و قرر باش ايخربش و يبربش بالكش كيما قالو اجماعة ايدبر دورو و هكاك عينوا تبرى و يولي اينجم يخزر للدني بعين اصحيح و ما يغلطشي في روحا و ايفيق من الحلمة البنينة اللي عاش فيها اسنين الي هو صحافي همام ضيع اشباب ايدق في البيبان و سكتت شهرزاد عن الكلام المباح بعد ان اكتشفت انه لا يوجد صباح

roy mustang يقول...

profond respect à vous je me permet d'utiliser cet article dans mon blog aussi pour le critiquer mais c'est au mon nom bien sure.....

غير معرف يقول...

ديما يبكي و يتيتم عمك صالح
بالله أقراو مقالتو متع 21 ماي 2009، ان صح أن اسميها مقالة...

واحد بعثلو جواب من غير عنوان.. قعدت في قلبو مسكين ياخي أتحفنا بالدرر متع السبان و الكلام الماسط..

يا صالح الخرى.. الجريدة عمرها ما كانت حلبة لتصفية الحسابات الشخصية، يعجبكمشي يا رجال ؟ 1 يدفع 600 مليم باش يقرى الغزول متع واحد شايب كيف عمك صالح؟ ههههههه